أخنوش فالبرلمان على أزمة الماء: وجدنا حلول مبتكرة لتنويع مصادر الموارد المائية منها استغلال مياه البحر
إسرافيل المغربي- كود
—
فيما يشبه الحلم ،قام مجموعة من المواطنين المدافعين عن العفة والفضيلة والقيم النبيلة والأخلاق السامية وكل الأشياء الجميلة ، بوضع عريضة تظلمية وشكاية مباشرة أمام المحكمة الإبتدائية للدار البيضاء, ضد صاحبة الكمانجة المزركشة ،و”اللوك” السندبادي المتميز ، المغنية الشعبية ، هند الحنوني ،المعروفة بزينة الداودية.
اعتبرت العريضة التظلمية أن الداودية من خلال أغنيتها الجديدة ، ذات العنوان الأنطولوجي ،اعطيني صاكي بغيت نماكي،والتي فاقت نسبة مشاهدتها في اليوتوب ، 2 ونصف مليون مشاهدة ، خلال أسبوعين فقط، متفوقة على نسب مشاهدة أغاني نينا سيمون ،وإيطا جونس ،وداليدا ونانا موسكوري..تدعو إلى الفساد والإنحلال والدعارة، والعياذ بالله !
لاتنطتح عنزتان ،في كون هاته الأغنية ،رديئة إلى درجة الفجيعة، وتدخل في إطار أغاني “الفاست فود” ،التي يتعاطاها ،السواد الأعظم من فناني هذا العصر، في مشارق الأرض ومغاربها ، فالقنوات التلفزية والمحطات الإذاعية والمهرجانات ، قد حولت فن الغناء والموسيقى ، إلى اَلة إنتاجية ،الهدف منها هو الربح، وبيع منتوج غنائي ،سريع وخفيف وأحيانا فارغ ، من أجل الكسب وتكديس الأموال ،ولو على حساب الذوق والجمال.
ولكن هدف المعترضين على أغنية الداودية، ليس المنافحة عن الفن الراقي ،والذود عن حياض الإستيتيقا والإبداع ,بل إن مبتغاهم ،هو فرض تصور قيمي على العمل الفني .
ليعلم هؤلاء الأخلاقاويون الجدد ، أنه لايوجد فن أخلاقي وفن غير أخلاقي ، هناك فقط فن جيد وفن غير جيد ، ومن ينظر لعمل فني بواسطة جهازه التناسلي ،يعاني من هوس معين ،يجعله يحاكم الأعمال الفنية ،من زواية غريبة.
إن الأغاني الشعبية، منذ الأزل ،قد تغنت بالحب والعشق والخمر والمواعدة والغزل ..ولم يخدش هذا النوع من الغناء حياء أحد ، ولم يجعل أشياء المستمعين تهتاج ،فتدفعهم إلى فعل الأفاعيل ، وارتكاب المعاصي والأثام . فأجدادنا ،لم يعانوا من سرعة الإهتياج، ولم تكن عندهم سوء النية ،التي تجعلهم ،يغوصون في كلمات أغنية ما، لكي يستخرجوا منها ،دعوات ماسونية مبطنة ، من أجل إفساد أخلاق باناتنا العفيفات الطاهرات !
إن محاكم التفتيش هاته ، والتي تسعى إلا تكميم الأفواه ، سواء كانت للمفكرين كبار، أو ساسة ، أو حتى مغنيين رديئين ، تحاول فرض “فيلتر” أخلاقي ،وتصور بدوي ،للفن والإبداع ، وفرض النموذج المشرقي ،ودور الرقيب الذي تفرضه مؤسسات كالأزهر في مصر ، وهيئة الأمر بالمعروف والمنكر في السعودية ، على المبدعين والفنانين.
هاته الخطوة، على طرافتها، ينبغي أخذها على محمل الجد ،و على كل القوى والهيئات المدافعة عن حرية الإبداع والتعبير ، أن تتصدى لهاته المبادرات القروسطية،وعلى وزارة العدل والجهاز القضائي ،ألا يفتح الباب ،لمثل هاته المبادرات البهلوانية، التي إن تم التطبيع معها سترمي بالبلاد في جحيم المنع والرقابة، حيث سيصبح الناطقون بإسم السماء، هم من يحللون هذا العمل ،ويحرمون ذاك العمل،ويصبح الفن شأنا أخلاقيا ،خاضعا للسيطرة الدين ، عوض أن يبقى الفن حرا بلا قيود ، حتى ولو تعثر في وحل الرداءة و البذاءة.